فصل: محجة صنعاء إلى مكة طريق تهامة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: صفة جزيرة العرب **


 محجة صنعاء إلى مكة طريق تهامة

من صنعاء صلِّيت من البون ثم الموبد ثم أسفل العرقة وأخرف ثم الصرحة ثم رأس الشقيقة ثم حرض ثم الخصوف من بلد حكم ثم الهجر ثم عثر ثم بيض ثم زنيف ثم ضنكان ثم المعقد ثم حلي ثم الجو ثم الجوينية من قنونا وتسمى القناة ثم دوقة وهي للعبديين من بقايا جرهم ثم إلى السَّرين ثم لمعجز ثم الخيال ثم إلى يلملم ثم ملكان ثم مكة هذه طريق الساحل والمحجة القديمة ترتفع إلى حلي العليا وتسمى حلية وإليها ينسب أسود حلية وهي التي يعني الشنفرى بقوله‏:‏ بريحانة من بطن حلية نوَّرت لها أرج من حولها غير مسنت ثم إلى عشم ثم على الليث ومركوب إلى يلملم ولطريق صنعاء هذه مختصر في بلد همدان من صنعاء إلى ريدة ثم إلى رأس الشُّروة من بلد وادعة ثم البطنة ثم خرج‏.‏

محجة عدن‏:‏ من عدن إلى المخنق ومن المخنق الحجار ومن الحجار المسيل ومن المسيل عبرة ومن عبرة إلى كهالة بئر ذي يزن مطوية بحجارة سود من رأسها إلى الماء طويلة ومن كهالة الماجلية ثم المقعدية ثم إلى زبيد ثم إلى المعقر ثم الكدراء ثم المهجم وبالمهجم تفضي محجة صنعاء على وادي سهام وهي بعيدة إلا أنها تسلك الأمان ثم بلحة من وادي مور ثم الحسارة ثم العباية ثم الشَّرجة ثم العرش ثم عثر‏.‏

 محجة حضرموت

من العبر إلى الجوف ثم صعدة وينضم معهم في هذه الطريق أهل مأرب وبيحان والسَّروين ومرخة فهذه محجة حضرموت العليا‏.‏

وأما محجتها السفلى فمن العبر في شئيز صيهد إلى نجران شبه من ثمانية أيام ثم من نجران حبونن وهو واد يغيب من بلد يام من ناحية سمنان وهي كثير الأرطى وبه بئر زياد الحارثي جاهلية وحبونن بكسر الحاء من مناهل العرب المشهورة وكذلك بئر الربيع بن عبد الله من نجران على مرحلة لمن قصدها من حضر موت ومأرب‏.‏

وقتل عبد الله ابن الصّمّة أخو دريد بخليف دكم من أعلى حبونن قتله بنو الحارث بن كعب وفيه يقول القائل‏:‏ أشجع من الماشي بترج‏.‏

وفيه يقول دريد‏:‏ تنادوا فقالوا أردت الخيل فارساً فقلت أعبد الله ذلكم الرّدي وفي بلحارث سيف دريد ذو الجمر والذي أخذه هبيرة بن مالك الحماسي وفيه يقول دريد‏:‏ وسمي ذا الجمر لفقر في سنة واحدة منها جمرة وهو اليوم في آل بسطام منهم ثم الملحات ثم لوزة ثم عبالم ثم مريع ثم الهجيرة ثم تثليث ثم جاش ثم المصامة ثم مجمعة ترج والتقت بمحجة صنعاء بتبالة ومحجة صنعاء تلتقي بها محجة العراق واليمامة والبحرين بالمشاش بين حنين والعوارة‏.‏

محجة عدن على طريق صنعاء منها من عدن لحج بلد الأصابح ثم الصهيب وبها سبأ الصهيب قبيلة من سبأ ثم الحبيل وليس بقرية وهو حبيل تزخم كالحبوب البسيط ثم أسفل الأردم وهو وادي الأجعود ثم صور ثم ثريد من رعين ثم ذو بلق من أرض رعين ثم شراد من أرض رعين ثم أعلى شرعة من ناحية عباصر ثم يكلى ثم صنعاء ثم محجة صنعاء وربما طرحوا الكثيب البيض بين لحج والصهيب وربما طرحوا من ثريد أخطام عهان ثم بدر ثم الصهيب‏.‏

محجة عدن العليا على الجند ثم محجة الجند معها إلى صنعاء من عدن إلى لحج ثم ثعوبة ثم ورزان ثم الجند السّحول ثم حقل قتاب ثم ذمار ثم خدار ثم صنعاء وهي أقصد وأوعر فيها نقيل صيد يسار بالحمائل مرحلتين هذه الطريق اليسرى للجند ومن أخذ اليمنى فعلى علصان وفي هذه الطريق من النقل يسلح وصيد ونخلان وحزر وأما ما دون هذه النقل فلا يعد‏.‏

منها باب عدن وهو شصر مقطوع في جبل كان محيطاً بموضع عدن من الساحل فلم يكن لها طريق إلى البر إلا للرّجل لمن ركب ظهر الجبل فقطع في الجبل باب مبلغ عرض الجبل حتى سلكه الدواب والجمال والمحامل والمحفات‏.‏

وقطع بينون جبل قطعه بعض ملوك حمير حتى أخرج فيه سيلاً من بلد وراءه إلى أرض بينون وقلعة الجؤة لأبي المغلس في أرض المعافر وهو مرّاني من همدان وهي تطلع بسلم فإذا قلع لم تطلع‏.‏

ومنها جبل تخلي وهوجبل واسع الرأس ذو عرقة مطيفة به تزلّ الوبرّ والقرد وتحت العرقة عرقة وفي مواضع منه عرق مترادفة وليس تعم جميعه إلا العرقة العليا والتي تحتها ورأسه واسع جداً فيه ثلاث قلاع حصون فأولها بيت فائس وهو من أرفع ما فيه وفيها مسجد قائم كان الناس يزورنه والمضمار مثلها في الرفعة وبيت ريب حصن ذو عرقة منقطعة عليها قصور آل المنصور وحرمهم وأموالهم لا مسلك لها غير باب واحد والأراس حصن بينها وبين فائس وهو حصن واسع وفيه من القرى قرية بيت ريب وهي قرية السّوق التي بها التجار وقرية الجوش وميدان وبيت زود وبيت البوري وسمع وبيت فائس والمضمار هذه كلها قرى وله من الأبواب التي لا تدخل إلا بإذن باب السروج وهو باب صنعاء وبلد همدان وباب البرار لبلد قدم ونمل وشرس وباب المكاحل لعيان والمخلفة وبلد حجور والشرف وبلد حكم ومكة وباب أدام لطما م وبلد عكّ وملحان والمهجم والكدراء وزبيد وعدن وباب العشة ليس محجة وباب غبقان ليس محجة وباب العدن وتغلق هذه الأبواب على هذه الحصون وهذه القرى على ضياع تؤدي خمسة آلاف ذهب براوشعيرا يكون سبعة آلاف وخمسائة قفيز ومن البرك والغيول على غيل عبلة وبركة سمع وبركة ميدان وبركة حالة وبركة السوق وبركة بيت فائس وعلى غيل عين بياضة وعين العشّة وعين بيت الهتل وعين الوعرين وتغلق على ميدانه وأنو باته ومجزرته ومساجده ومراعيه وأغنامه وبقره وخيله ما خلا الإبل فإنها لا تطلعه وهو مع ذلك كثير السباع في رأسه ولا مؤذ به من هوام الأرض لم ير فيه ثعبان ولا أفعى ولا عقرب ولا ضفرة ولا قعص ولا بعوض ولا بنات وردان وهي الضّوامير ولا خنفساء ولا كتّان وهو البق وقد يدخل البق في أمتعة المسافرين إليه فيمتن إذا صرن فيه وهو قليل الذباب والعنكوب كثير الغراب والحداة فأما جوّة وهواؤه فمعتدل في الشتاء خاصة لأنه يكون في الشتاء صاحياً والذي عنيت من الشتاء فهو فصل الخريف عند الحسَّاب وهو عصر الميزان والعقرب والقوس وقد ربما شابهه فيه عصر الجدي والدلو والحوت وأكثر ذلك يعظم فيه نوء الثريا وهو عصرالجدي ونصف الدلو ونوء الصواب في الحوت وعصر الحمل والثور والجوزاء وهو الربيع عند الحساب فيه صرير كثير المطر والبردوالهجاء فإذا اتصل الثريا بالصواب بالربيع كادت أن لا ترى عليه الشمس مدة للضباب الذي يعتصب به فيفقدها الكلاب فإذا أتى عصر الصحو وظهرت الشمس والخريف وهو عند الحساب الصيف وهو عصر السَّرطان والأسد والسنبلة به كثير الأمطار والصواعق فيه كثيرة لارتفاعه وقد تحدث فيه وتختطف من أهله وإنما الرعد لقوة قادحة البرق ومباديء حركتها وكل راعدة صاعقة لأنها إذا علت في الجو بلغت تلك الحركة منتهى مداها في الجو قبل أن تصل الأرض فإذا قربت اللامعة من الأرض وقع صوتها وحركتها إلى الأرض ولم تبلغ مداها فأحدثت فيما لقيته من الأجسام كالسهم الذي يلقاه الجسم عن قريب فيمخطه بشدة درأنه فإذا أصاب جسما في أقصى مداه وقع فيه وهو عال ذاهب الدَّرأة وكان المستولي على كثير من طباعه القمر فلا يزال في أيام الصحو صاحياً حتى يدحض الشمس من جزء وسط السماء والقمر منها بمنظر وحينئذ يثور البخار من بطون الأودية حوله ومن بطون شعابه سحاباً أبيض كثيفاً وهو يظهر ويكثف ويرتفع في سرعة فلا يدور من الفلك جزءان أو ثلاثة حتى قد التبس ذلك البخار رأس الجبل من جميع جوانبه فيعتم به ونظرته عليك طلعاً يحول بينك وبين النظر إلى دابتك إذا كانت قدامك أو بينك وبين رفيقك إذا بدرك فأن كنت في وقت نوء كان ذلك السَّحاب الذي أنت فيه ينهمل رذاذاً غزيراّ ثم ارتفع وتكاثف وقع فيه لامعةالبرق وتبعها صوت الرعد عجلا وريثاً على قدر بعد العقيقة من البرق ومثال ذلك أنك إذا كنت في بعض السهول وكان منك على مدى البصر من يضرب بصاقور في حجر أو بفأس في شجر فنظرت إلى وقعة الفأس لم يتأد إليك صوتها إلا عند وقوع الضربة الثانية وصوت الضربة الثانية عند وقوع الضربة الثالثة وربما كان أبطأ على قدر البعد وكذلك البرق ربما التمع ثلاث لمعات متتابعات فلم يسمع رعدة الأولى إلا بعد تقضَّى اللمعة الثالثة وربما تكاثف ذلك السحاب إذا ظهر من بطون الأودية دون الشعاب والتف وتضاغط على المنتصف من قعدة الجبل فوقع فيه لامعة البرق فبرقت تحتك ونظرت الأودية متشققة بالسحاب وفوقه الشمس فإذا انقشع السحاب نظرت إلى ماء المطر يسيل في بطون الأودية وإذا أصبح على رأسه الصحو غب المطر وصفا الجونظرت من أي مرائيه شئت ومن أي أشرافه ركبت أرض تهامة من تحته من موسط بلد حكم إلى المهجم ومن سردد وتنظر سائلة مور كالشيبة البيضاء بين خمل تهامة وزغبها وعرفانها ثم تنظر البحر طريدة باقوتيَّة فأما الحاد البصر فإنه ينظر من خلف البحر جزائر الفرسان وأما ما ينظر منه من الجبال فعرّ خولان من شماليّة وأكمة خطارير ورأس وتران عن مسيرة سبعة أيام وستة وخمسة وسحيب جبل بني عامر بحرض ومن غربيه جبال الشرف وريشان جبل ملحان عن قرب كقرب هنوم منه من شماليه ومن جنوبيه برع وشبام حراز ومسار وضلع جبلان وحرف أنس وضوران ورأس سحمَّر ويخار وينظر هو من هذه المواضيع ولولا أن قعدته في الأودية دون أن يكون على ظاهر منجد لكان يرى من أرض نجد وأما من شرقيه فلا يرى بلد لأن جبال المصانع تعلوه مثل جبل ذخار ومدع وحضور بني أزاد وهي في أعلى خط السراة وهو في موسطها ولذلك اعتدل هواؤه لأنه ارتفع من حر تهامة وسمومها وتطامن من نجد اليمن وبرده ويبسه فأما سعة رأسه الذي تحويه العرقة وتدور به الأبواب فإنه يكون لمن مسحه ميلا ونصفاً في مثله أو يزيد إلى ميلين إلا ثلث وإذا رآه الجاهل حكم على أنه ميلين وزيادة في مثلهما وتحف به من الأودية وادي لاعة وهو طمام وفرعاه عطوة ورأسها بياضة والعشَّة من رأس الجبل والتهام وهو من جبل ذخار والشوارق ومسور والحتر وتصب فيه أودية أخرى مثل اليعمل وضلع الجنات وغيرها ووادي عيَّان ووادي نمل ووادي قيلاب وكل هذه الأودية غيول مخارجها من صفوحه عليها الأمواز والأقصاب أعني قصب الشيرين ويقال الشيري وهو قصب المضَّار وقصب السكر وسمي قصب المضار لأنه يمضر بالفم أي يمضغ فيبلع ماؤه وصفوحه مكتسية بالمزارع والعشاش التي تكون للبقر مراتع ومن ولد في رأسه فقبيح غير صبيح وخاصة النساء ومن ولد في صفحه فصبيح غير قبيح وطباع سكنه وأهله تخالف طباع من في صفوحه في العقل والنجدة والطول والتمام والفصاحة وانشراح الألسن ونبت رأسه البرزغة والأثبة والصعتر ومن الزرع البر والعلس والشعير والجعرة واسم هذا الجبل وفيت وهو منسوب إلى تخلى بن عمرو الحميري من ولد شمر ذي الجناح بن العطاف وأخبار تخلى كثير‏.‏

ومنها جبل هنوم وأهله الأهنوم من همدان ثم من حاشد وفيهم بطن من خولان بن عمرو بن الحاف ثم من ولد يعلى بن سعد بن عمروبن زيد بن مالك بن زيد بن أسامة وهو قبالة تخلى من شماليه وعلى وصفه من جبال السراة وهو أحصن وأتلع وأوسع وقعدته على بلد غير ذي أودية فهو يكون أكثر دهره صاحياً إلا في أيام الأمطار ولذلك خالف جبل تخلى لما في رأسه من العنب والخوخ والرمَّان والتين وغيرذلك وفيه نبات شبيه بالصندل الأبيض يقاربه في الرائحة وقد يداخل الصندل الهندي وزرع رأسه في الكثرة مقارب لزرع جبل تخلى إلا أن البر في هنوم أكثر وهو منقطع العرق وليس له غير طريقين لا يطلعهما سوى الرجال ولا يطلعه مثل جبل تخلى دابة لوعرة طريقه فإذا أرادوا دابة يستنفعون بها في رأسه مثل البقر للحرث والحمير للحمل حملها الرجال عجلة وعفوة صغاراً وطباع ساكنة رأسه كطباع ساكنة رأس الجبل تخلى‏.‏

الغباوة عليهم وسلامةالناحية والعفَّة وكلال اللسان وخساسة الخلق وحزونتها أغلب وفي صفوح هنوم من بطن حاشد خمسة آلاف مقاتل وزروع صفوحه الذُّرة وصفوحه أكثر بلاد الله نحلاً وعسلاً ربما كان للرجل خمسون جبحاً وأكثر ويكون العسل هنالك ستة أرطال بالبغدادي وسبعة وثمانية بدرهم قفلة ومن في صفوحه أهل نجدة وصباحة وحسن نساء على سبيل من في صفوح تخلى إلا أن هؤلاء أرجل وأحد وفي رأسه عيون غزيرة وقرن مرتفع عليه مسجد وتحته غيل وأخباره كثيرة‏.‏

ومنها جبل برط وساكنه دهمة من شاكر بن بكيل ورأسه واسع في عداد بلد من البلدان وزروعه كثيرة أعقار وعلى المساني وهي النواضح وخبَّرني من قبض عشور العلوي خمسة آلاف فرق وأهله انجد همدان وحماة العورة ومنعة الجار ويسمون قريش همدان وبلغ القتل بين دهمة وأختها وائلة ابني شاكر في عصرنا هذا ثلاثمائة رجل من الجميع الخَّر فالخيَّر في جار كان لوائلة قتلته دهمة وهم على أشد ما كانوا عليه ورأس برط من أصح اليمن وأطيبه وأعدله هواء وهو بين الغائط ونجد‏.‏

ومنها جبل تنعمة لخولان العالية هو حصن حصين وليس مثل برط في السعة وفي رأسه زروع أعقار وعلى الآبار‏.‏

فهذه الحصون التي بها ماؤها ومرعاها وجميع مرافقها‏.‏

ومنها جبل ذخار فيه قرى ومياه وعيون وحصنان أحدهما كوكبان من جانب وشربب الثاني من جانبه الآخر‏.‏

ومن عجائب اليمن حقل صنعاء وأول من ارتاده بعد الطوفان سام بن نوح بعد الغرق المتعالي فوجده من أطيب الإقليم الأول قيل فتذكره علماء صنعاء عن كابر فكابر أنه وضع مقرانه وهو الخيط الذي يقدر به البناء على موضع الظبِّر بالظاء والظبر جبل قريب من صنعاء كما يقولون وهو حرف الجبل وحرف البناء ولا يذهبون إلى التَّضبير من الأساوة وتضبير الناقة ناقة مضبِّرة فبني الظبر فلما أجد في البناء أتى طائر مسفَّا للمقراة فاختطفها وطار بها وأتبعه بصره حتى ألقاها على جبوبة النعيم فوضع ليبني به فأسف ذلك الطائرللمقراة فاحتملها حتى ألقاها على حرة غمدان فأس سام غمدان واحتفر به بئره التي هي اليوم معروفة ببئر سام‏.‏

فأما طباع صنعاء فصحيح على أن الغالب عليها البرد ولصحتها يلبس الإنسان بها في الشتاء عند جمود الماء لباس الخز والكتان والرقائق فلا يدخلها البرد لأنه برد يابس والدليل على يبسه أنه يفطر أطراف العمال والصناع ويشنها بالدم ويلبس الإنسان الصوف والمبطنات ودواويج الثعالب في صيفها فلا تؤذيه وخبرني عمر الشهابي عن أحمد بن يوسف الحذاقي أنه نظر إلى ماء جامد بناحية بيت بوس في أول حزيران وهو أصفى قليل ولا يتحول الإنسان الشتاء والصيف من مكانه فإذا اشتد به الصيف وحر فدخل الرجل يقيل على فراشه لم يكن له بد من أن يتدثر لأن بيوتها في الصيف باردة لأجل قصة الخير المسيّع بها بواطن البيوت فيدخل في المخدع على فراشه ويطبق عليه الباب ويسبل السترين والسجف فلا يتغير ضياء البيت لأجل الرخام الذي يكون في الجدرات والسقف بل إذا كان في السقف رخامة صافية نظر عوم الطائربظله عليها إذا حاذاها وتؤدي الرخامة لمعان الشمس إلى القصة فتقبلها بجوهرها وبريقها‏.‏

وقال بعض من دخل صنعاء من العراقيين‏:‏ من العجب أن بيت قصة بصنعاء بدينارين يريد القصة المخيرة والخيرة عضة مثل الصبر فيها غرى تغرى به قداح النبل ويلصق به الغرار فتطبخ هذه العضة حتى تذيب ماءها ويستولى على ذلك الغري ثم خيض به الغرَّة ويقال الجص فلا تموت مع الخيرة إلا لأوان بعدما يستمسك الجصاص ترقيعها وتصريفها على ما يريد فإذا جمدت أركبت الأيدي فمسحت فظهر لها بريق جوهري كبريق المصقول من الجواهر ثم دخلها البياض مع ذلك الصقال حتى تشاكله الفضة المصقولة وسائر الجصّ في البلاد يطبّع اللباس ببياضه ولا يكون له جوهرية ومن عتق قصة اليمن أنها إذا خيضت بالماء ثم ضرب به على موضع خشن ثم الزمتها يد الرَّجل وهو فوق شي يحمله ثم ضرب منها بشيء على يده ثم تركت حتى تموت فإنه إذا مخي ما تحت الرّجل وترك علقته بيده تلك القصة بشدة قبضها واجتماعها فيرزب وهي تجبر الكسر بقبضها هذا وقضيتها وحيلتها‏.‏

جميع الثمار بها من العنب الملاحي والدوالي والأشهب والدَّربج والنواسي والزيادي والأطراف والعيون والقوارير والجرشي والنشاني والتابكي والرازقي والضُّروع ويؤتى إليها من خيوان بالرومي ومن الجوف بالوادي وبها الرمان الحلو والحامض والممزوج والمليِّسيّ والسفرجل وليس يلحق به سفرجل البلاد لأن فيه شيئاً من الحموضة والقبض والإجاص والمشمش والتفاح الحلو والتفاح الحامض والممزوج والخوخ الحميري والخوخ الفارسي والخوخ النهدي والجوز الفرك واللوز الفرك والحلو منه والمر والكمثرى وقد وفد إلى صنعاء قدمة وبها الورد والباقلاء الأخضر ولا يتركونه يبلغ وجميع أصناف البقول وجميع الحبوب‏.‏

والقدر به لها رائحة وللخبز بها رائحة عجيبة شهية تشمُّ من بعد وكذلك القدور وكيزان الماء من الفخار لها عند مباشرة الماء وهي جدد رائحة طيبة مقوية للروح وترد إلى المغشيِّ عليه نفسه وهذه الثلاثة الأرواح لا يشاركها فيها شيء من البلاد‏.‏

ثم إذا طبخ اللحم بالخل وأنزلت القدر بها مغطاة شهراً أو شهرين ثم أتيت بعد هذه المدة فتجده جامداً فأسخنته فتظهر فيه رائحة يومه وهذا لا يكون إلا بصنعاء وقد خبر بذلك جماعة منهم إبراهيم بن الصَّلت طبخ قدراً له وكان عزباً فلما كملت وكلت نارها عزم على الغداء فهو كذلك حتى أتاه رسول أبي يعفر إبراهيم بن محمد بن يعفر فاتبعه من ساعته إلى شبام فلما وصله أمره بالمضي إلى مكة وكان أحد الطرادين وأمر له بناقة وزاد ودفع إليه كتباً يوصلها بوالي مكة فمضى إلى مكة وأقام حتى خرج جوابه وعاد إلى شبام فأوصل جوابه ثم صرف إلى منزله‏.‏

قال‏:‏ فدخلت وأنا جائع فنظرت إلى ذلك القدر على الأثافي وإلى ذلك الخبز قد يبس في منديله‏.‏

قال فكسرت من الخبز شيئاً في قصعة وأحررت ذلك القدر ونكبته على ذلك الخبز حتى تشرَّبه فكان كقدر أسخنته يوم ثالث وذلك بعد شهر وكسر‏.‏

وكان الحاج يأكلون سفرهم طرية الخبز ويابسة غير متغيرة من صنعاء إلى كتنة وإلى أبعد وكنت أنظر إلى التجار إذا حملناهم إلى مكة من صعدة يأكلون سفرهم طرية إلى نصف الطريق ويابسة تدق وتطرأ إلى مكة وكنا نحن نستعمل في أسفارنا خبز الملة والسن واللحم والكشك والمهَّاد ونرى أن خبز السفرة إذا فتَّ من وعثاء السفر وقال لي أبي رحمه الله تعالى‏:‏ سألني رجل ببغداد بماذا تأدمون في أسفاركم قلت‏:‏ بالسمن قال‏:‏ أبا السمن قال قلت‏:‏ وما للسمن قال هو ضرب من السمِّ قال قلت‏:‏ أما والله لو ذقت البرطي منه والمغربي والكليبي والجنيبي لعلمت أن دهن اللوز معه وضر ولذلك لا يعمل أهل اليمن حلاواهم إلا به لأنه أطيب وأجود من الشيرق المقشر ومن دهن الجوز واللوز ولطيبه يشربه الناس شرباً ويكون له رائحة شهية تدعو النفس معها إلى شربه والاستكثار من التأدم به وله لطف فلا يكاد يجمد لرقته ولطفه وخفته والسمن مما يبين به اليمن‏.‏

وتجد ذلك كذلك في لطافة لحوم الضأن ولحوم البقر فأما الجندي منها فربما بلغ الثور منها ثلاثين ديناراً مطوقاً فإنه أطيب من لحم الحمل الشهري في سائر البلاد لرقته ولطفه ودسمه ولا يكون له رائحة ولأهل صنعاء الرقاق الذي ليس هو في بلد رقة وسعة وبياضاً لمؤاتاة متانة البر‏.‏

وإبرار اليمن العربي التليد والنسول برّ العلس وهو ألطفها خبزاً وأخفها خفة‏.‏

والرغيف بصنعاء لا ينكسر ولكنه ينعطف ويندرج طومارا وكسره السفار قطعاً والخبز بها ضروب كثيرة ولمضائرهم فضل لحال اللبن واللبن الرائب بصنعاء وبلد همدان ومشرق خولان وحزيز وجهران أثخن من الزبد في غير اليمن مع الغذاء واللذة والطيب وزبدها بمنزلة الجبن الرطب في غيرها وأشد وتحمل القطعة فلا يعلق بيدك منها كثير شيْ ولهم مع ذلك ألوان الطعام والحلاوى والشربة التي تؤثر على غايات ألوان كتب الطابخ السمائد وألوان البقط والكشك السري وألوان الحلبة ومعقدات الأترج والقرع والجزر وقديد الخوخ والرانج والليَّ وغير ذلك مما إذا سمع به الجاهل ازدراه وإذا شرع فيه قضم على طيبه بعض أنامله وبه الشهد الحضوري الماذي الجامد الذي يقطع بالسكاكين وقد ذكره امرؤ القيس بقوله‏:‏ كأن المسك والكافو ر بالراح اليماني على أنيابها وهنا مع الشهد الحضوري ويهدي إلى العراق ومكة وسائر البلدان في القصب وصفة عمله أن يحر في الشمس ويصير في عقود قصب اليراع وأقيمت تلك القصبة أياماً في بيت بارد حتى بعود إلى جموده ثم ختمت أفواه القصب بالقصّة وحمل فإذا أراد تقديمه على الموائد ضرب بالقصبة الأرض فانفلقت عن قصبة عسل قائمة فقطعت بالسكين على طيفورية أو رغيف‏.‏

وباليمن من غرائب الحبوب ثم من البر العربي الذي ليس بحنطة فإذا ملك عجينة ثم أردت قطع شيء منه تبع القطعة تابعة منه تطول كتابعة القبيط والميساني والنسول والهلباء لا يكون إلا بنجران ومنه الأدرع الأملس والأحمر الأحرش واللوبياء والعتر والأقطن والطهف وألوان الذرة البيضاء والصفراء والحمراء والغبراء والسمسم الذي لا يلحق به لاحق خاصة المأربي والجوفي كثير الضياء صاف طيب وقد يزرع بها الحمص والباقلي والكمون وغير ذلك‏.‏

ومن عجائب اليمن أن أكثر ززروعها أعقار فلذلك متن عجينها ولان خبزها وهو أن تشرب الجربة في آخر تموز وأول آب ثم تحرث بأيلول إذا حمَّت إي شربت ماءها وجف وجهها ثم تحرث في تشرين كرة أخرى ثم في تشرين الآخر كرة ثالثة ثم بذرت في كانون الأول فأقام فيها الزرع إلى أيار وصرب ولم يصبه ماء فأما القرارة بالهجيرة فإنه يصرم بها متعجلا بنيسان وآخر آذار فتكون الجربة بها كثيرة من حمّها فتحرث وتبذر فيها ثانية فتأتي بطعام معجل لحرارة الزمان يصرم بحزيران‏.‏

وأما مأرب والجوف وبيحان فإن الودن وهو الجربة والزَّهب بلغة أهل تهامة يمتلي من السيل فإذا امتلأ نف فيه الطَّهف والدخن فنضب الماء ثار نبته فلا يحم الجربة في شهر وأيام حتى تصرم وتحرث للزرع الذي ذكرناه فربما طرح في الودن مع بذر الذرة السمسم واللوبياء والعتر والقثَّاء والبطيخ والقرع فبلغ كل ذلك أوّل أوّل وهذا يكون في أقاصي الجرز‏.‏

مثل أعراض نجد ونجران والجوف ومأرب وبيحان وتهامة عن كملها‏.‏

ومن ذلك الذّرة بنجران في قابل يام من ناحية رعاش وراحة يكون في قصبة الذرة مطوان وثلاثة وأكثر ولا يكون فيها بالموضع على هذا‏.‏

ومن ذلك الأترج بنجران ليس حماض فيه كبار أحلى من العسل تبلغ الواحدة ربع دينار وخمسة وسدس وليس له نظير في بلد‏.‏

ومن ذلك سكر العشر لا يكون إلا بنجران ولا يكون منها إلا شق بلحارث فيما بين الهجر وسرّ بني مازن وهو سكر ينزل من الهواء على ورق العشر في قولهم وإخاله فيكون بقدرة الله عز وجل من العشر وقد يوجد منه شيء في الموضع على غير العشر وهو ضرب من المنَّ وهيئته مثل قطع اللُّبان والمصطكي وقد يحمل ويعمل منه سكر كبار مطبّع في القوالب وقد أهديت منه إلىأخ لي بالعراق فأعجب منه من رآه‏.‏

ومنها المحط ويسمى القصاص وهو حالق للبواسير ولا تصيب هذه العلة أحداً بخيوان لاستعمالهم إياه في القدور ويعقد بالعسل ويهدي وأهدى منه بعض سلاطين تهامة إلى العراق وجرت كتب إليه أن احتفظ بحظائر هذه الشجر فأعلمهم أنه نبات جبال قبائل وادعة وأرحب‏.‏

ومنها الورس واللبان اللذان لا يكونان في غير اليمن ويصيران في جميع الأرض وبها النخل البعل الذي لا يشرب إلا من السيل وربما أسنت فأتى بالتمر عن ريِّ سنة واثنتين وبها القسب من التمر الذي يستحق ويحلو مع السويق كالقند فذاك بنجران وبها المدبس الذي لا يلحق به بردي خيبر‏.‏

قال لي أبي رحمه الله تعالى‏:‏ قد دخلت الكوفة وبغداد والبصرة وعمان ومصر ومكة وأكثر بلاد النخل وطعمت التمران ما رأيت مثل مدبس نجران جودة وعظم تمره خاصة تملأ الكف التمرة وبها من الجرب الكبار التي تأتي تعشرين ألف ذهب فذاك ثلاثون ألف قفيز سيوان في جانب صنعاء وجربة حران بشراد والحضر وأرض الرزم بالجوف والحرجة بمأرب‏.‏

ومن الآبار العجيبة‏:‏ البئر المعطلة بريدة ومنها بئر سراقة لمراد في أسفل الجوف طولها خمسون باعاً وماؤها عذب فرات لا تكدرها الدلاء وبئر سام بن نوح بصنعاء وكهالة بئر ذي يزن بين زبيد وعدن وبرهوت بسفلى حضرموت وبئر ميمون المذكورة في القرآن‏.‏

والمواضع التي لا تضر فيها الأفاعي‏:‏ ناعط لا يلدغ بها أحد ولا بموضع تشرف عليه ويكون منها بمنظر وصنعاء لطلسم كان بها في باب المصرع ومثلها ظفار وبها تراب إذا طلي به بيت مصهرج لم يدخله كتانة يحمل ويباع وبالمعافر عضاه كثيرة تدفع مضارّه‏.‏

وبها جبل الملح في بلاد مأرب ولا نظير له وهو ملح ذكره ذو جوهرية وصفاء كالبلور وهو الملح البري وكان النبي ‏"‏ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ أقطعه الأبيض بن حمَّال السبائي يوم وفد عليه فلما ولى قيل‏:‏ إنك اقتطعته يارسول الله الماء العدَّ فاستقاله فيه فأقاله وبالشرَّف من همدان الموز العري أي لا يشرب من عين إلا من المطر‏.‏

وباليمن من كرام الإبل الأرحبية لأرحب بن الدُّعام من همدان والمهرية ثم من المهرية العيدية تنسب إلى العيد قبيلة من مهرة والصدفيَّة والجرمية والدَّاعرية تنسب إلى داعر من بلحارث والمجيدية ومنها الإبل المهرية المعنبرة‏.‏

ومن البقر الجندية والخديرية في الجسم والقوة وطيب اللحم وتبلغ في الجسم مبلغاً عظيماً والجبلانية السود الحرش التي تدبغ جلودها للنعال يبلغ الجلد منها عشرة مثاقيل وأكثر وإلى عشرين ومنها الشرّع المدرهمة العرسية السِّمسمية ويبلغ الأشرع المنر الأحرش دنانير ولهذه البقر صيالة وحد في قرونها وبأس وتقتل السباع وهي العراب من البقر والأخرى الدُّرب والدربة السنام‏.‏

ومن الحمير للسُّروج‏:‏ الحضرمية ثم المعافريَّة وذوات الأشر والخفة والسَّرع والشُّهومة والخشونة الخشبية منها‏.‏

ومن الخيل‏:‏ العنسية والجوفية والحجيجية وهي خيل لها أنفس وخرجات وانحرافات وليست مثل المصرية والجزرية متنا ولها صبر وصباحة على أنها ليست بجسام وهي أشهم وأجمع قلوباً ويطأن القتيل ويحملن السلاح الثقيلة ويجلن بها ويجرين فلا ينقص الثقل من جريهن شيئاً والشوافيّة وبها جلود النمر النفيسة المحلولكة السواد اليقق البياض‏.‏

ويبلغ الجلد دنانير ويتخذ منها مع السروج الفرش النفيس وكذلك بها فرش العباء الملون النفيس ويكون جلالاً للخيل وهي من أحسن شيء وهي ملبن مثل تلبين الوشي لبنة بيضاء وإلى جنبها لبنة سوداء جرداء غير مخملة وبها آلة الحرير النفيسة الملوكية والأنطاع الصُّت التي لا تكف في مطر الأيام وفرش الريح من هذا الحرير وهو عجيب وبها آنية الهيصمي وهو حجرٌ يشاكل الرُّخام إلا أنه أشد بياضاً يخرط منه كثير من الآنية وبها الكاذي الذي لا مثله في بلد يشبه رائحة السنبلة في الثوب غمره ودهنه نفيس وبها الدُّعبب وهو اللّي وهو من حبوب الباه ودهنه نفيس ومن خير ما نقل به شارب النبيذ وقد يجفف ويطحن فيقوم مقام الخبز وأما حشائش اليمن فكثير لمن تفقدها‏.‏

معادن الجوهر‏:‏ قد ذكرنا معادن الذهب‏.‏

فأما معدن الفضة بالرضراض فما لا نظير له وبها معادن حديد غير معمولة مثل نقم وغمدان وبها فصوص البقران ويبلغ المثلث بها مالاً وهو أن يكون وجهه أحمر فوق عرق أبيض فوق عرق أسود والبقران ألوان ومعدنه بجبل أنس وهو ينسب إلى أنس بن ألهان بن مالك والسعوانية من سعوان واد إلى جنب صنعاء وهو فصّ أسود فيه عرق أبيض ومعدنه بشهارة وعيشان من بلد حاشد إلى جنب هنوم وظليمة والجمش من شمر همدان والعشاري وهو الحجر السماوي عشار بالقرب من صنعاء والبلَّور يوجد في مواضع منها والمسنّى الذي تعمل منه نصب السكاكين يوجد في مواضع منها والعقيق الأحمر والعقيق الأصفر العقيقان من ألهان وبها الجزع الموشّى والمسير وهو في مواضع منها منه النقمي وهو فحل العرف والسَّعواني والضصري منه أجش والخولاني والجرتي من عذيقة والشزب يعمل منه ألواح وصفائح وقوائم وسيوف ونصب سكاكين ومداهن وقحفة وغير ذلك وليس سواه إلا في بلد الهند والهندي بعرق واحد‏.‏

 

مواضع النياحة على الموتى

خيوان ونجران والجوف وصعدة وأعراض نجد ومأرب وجميع بلد مذحج فأما خيوان فإن الرَّجل المنظور منهم لا يزال يناح إذا مات إلى أن يموت مثله فيتصل النواح على الأول بالنواح على الآخر وتكون النياحة بشعر خفيف تلحنَّه النساء ويتخالسنه بينهن وهن يصحن وللرجال من الموالي لحون غير ذلك عجيبة التراجيع بين الرجال والنساء‏.‏

وقد ذكرناه نعاء الموتى في كتاب القوس من اليعسوب‏.‏

المشهور من محافد اليمن وقصورها القديمة التي ذكرتها العرب في الشعر والمثل‏:‏ محافد اليمن كثيرة الذي فيها من الشعر بابٌ واسع وقد جمع لك كله الكتاب الثامن من الإكليل ونذكر الآن المشهور منها ذكراً مرسلاً فأولها وأقدمها غمدان ثم تلفم وناعط وصرواح وسلحين بمأرب ظفار وهكر وضهر وشبام وغيمان وبينون وريام وبراقش ومعين وروثان وإرياب وهند وهنيدة وعمران والنجير بحضرموت‏.‏

المواضع المضروب بها المثل من هذه الجزيرة على حد الاستبعاد‏:‏ يقولون لست معجز لنا ولو بلغت الشحر ولو حالت دونك يبرين وبلغت حضرموت‏.‏

قال الشمردل بن شريك يصف الرياح‏:‏ حيث يقال للرّياح اسفينا هوج يصبِّحن فلا ينبينا وكل وجهٍ للسُّرى يسرينا بلغن أقصى الرَّمل من يبرينا وحضرموت وبلغن الصِّينا فضم إلى هذه المواضع الصين لبعدها عنده ويقولون‏:‏ أسحقه الله وأبعده والحق روحه بأرواح الكفار ببرهوت ويقولون‏:‏ سنبلغه ولو كان أبعد من أنف اللَّوذ ويقولون‏:‏ لابد من صنعاء ولو طال السفر ويقولون‏:‏ لو بلغ صنعاء القصبة ولو بلغ برك الغماد وفي الحديث أنّ سعد بن معاذ أو المقداد بن عمرو قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوجه إلى بدر‏:‏ لن نقول لك يا رسول الله كما قالت بنو إسرائيل لنبيِّها عليه السلام اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون بل اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون والله لو اعترضت بنا ماء البحر لخضناه أو قصدت بنا برك الغماد لقصدناه‏.‏

وفي الحديث أن أبا الدرداء قال لو أعيتني آية من كتاب الله عز وجل فلم أجد أحداً يفتحها عليَّ الأرجل ببرك الغماد لرحلت إليه وهو أقصى حجر باليمن ذكر برك الغماد ثم ذكر موضعه من قصور اليمن قال أبو محمد‏:‏ قد ذكر برك الغماد محمد بن أبان بن حريز الخنفري وهو في بلد الخنفريين بناحية حنوي منعج فقال‏:‏ فدع عنك من أمسى بغور محلها ببرك الغماد فوق هضبة بارح هذه مواضع في منقطع الدُّمينة وعزازة من سفلى المعافر البرك حجارة مثل حجارة الحرة خشنة وعثة متعاضة يصعب المسلك فيها‏.‏

ذكر ما أتى من الشعر جامعاً لكثير من مساكن العرب ومسالكها مما تناهي إلينا وسمعناه وذلك قليل من كثير مما يعلمه العرب لأنه في خصائص من المواضع فأما ما أتى من الشعر على الإفراد في أجزاء هذه الجزيرة والعموم بها فما لا يحيط به أحد ولا يقدر على جمعه واستيعابه لأن كل شاعر قد ذكر من مواضع الدَّمن والأطلال ومواقع الغيث ومنابت الكلأ ما لم يذكره غيره إلا الخطاء فمن ذلك قول الأخنس بن شهاب التغلبي يذكر بعض منازل العرب من هذه الجزيرة‏:‏ لكل أماس من معد عمارة عروضٌ إليها يلجأون وجانب لكيز لها البحران والسيف كله وإن يأتها بأس من الهند كارب السيف ضفة البحرين ولكيز بن أفصى بن عبد القيس ويريد بالهند هاهنا السند ويقال يطير وأعلى أعجاز حوش كأنها جهام هراق ماءه فهو آثب وبكر لها أرض العراق وإن تشأ يحل دونها من اليمامة حاجب وصارت تميم بين قفّ ورملة لها من حبال منتأى ومذاهب وكلب لها خبتٌ فرملة عالج إلى الحرة الرجلاء حيث تحارب سميت الحرة الرجلاء لأنها ترجل سالكها ولا يقدر فيها على لركوب والحجاز كثير الحرار والحرة وهي اللُّوبة والجمع لوبٌ قال سلامة بن جندل‏:‏ حتَّى تركنا وما تلوي ظعائننا يأخذن بين سواد الخطِّ واللُّوب وهي لابة والجمع لابٌ وقد قيل تلو إن الحجاز سمي حجازاً لكثرة الحرار فيه واحتجاز أهلها من العدو ولذلك قال النابغة وذكر امتناعه بحرة النار‏:‏ إما عُصيت فإني غيرمنقلب من اللِّصاب بجنبي حرَّة النَّار فموضع الماء من صماَّء مظلمة تقيِّد العير لا يسري بها السَّاري وممن القصيدة الأولى قوله‏:‏ وغسَّان حي عزهم في سواهم يجالد عنهم مقنب وكتائب وبهراء قوم قد علمنا مكانهم لهم شرك حول الرَّصافة لاحب وغارت إياد في السواد ودونهم برازيق عجم تبتغي من تضارب ولخم ملوك الناس يجبى إليهم إذا قال منهم قائل فهو واجب ونحن أناس لا حجاز بأرضنا من الغيث مانُلقى ومن هو غالب وقال أبو قيس بن الأسلت يزجر غطفان عن مناجزة الخزرج‏:‏ لأكناف الجريب فنعف سلمى فاحساء الأساحل فالجناب إلى روضات ليلى مخصباتٍ عوافٍ قد أصات بها الذُّباب كأن المكر والحوذان فيها وحماض التلاع الكهل غاب أحق شبابكم من حرب قومٍ له خلقٌ وناحية وداب وإن تأبوا فإن بني سليمٍ وإخوتهم هوازن قد انابوا لأعداد المياه ليحضرٌوها وبالجولان كلب والرباب وأسفل منكم بكرٌ حلولٌ على تعشار رسِّيت القباب ومن ذلك قول بعض آل أسعد بن ملكيكرب تبع منازل من خرج من اليمن في سائر جزيرة العرب وغيرها‏:‏ وقد نزلت منا خزاعة منزلا كريماً لدى البيت العتيق المستّر وفي يثرب منا قبائل إن دعوا أتوا سرباً من دارعين وحسر هم طردوا عنها اليهود فأصبحوا على معزل منها بساحة خيبر وغسَّان حيٌّ عزهم في سيوفهم كرام المساعي قد حووا أرض قيصر وقد نزلت منا قضاعة منزلا بعيداً فأمست في بلاد الصَّنوبر وكلبٌ لها ما بين رملة عالج إلى الحرة الرجلاء من أرض تدمر ولخمٌ فكانت بالعراق ملوكها وقد طرحت عدنان في كل مطحر وحلت جذام حيث حلت وشاركت هنالك لخما في العلا والتَّجبر وأزد لها البحران والسِّيف كلُّه وأرض عمان بعد ارض المشقَّر ومنا بأرض الغرب جند تعلَّقوا إلى بربرٍ حتى أتوا أرض بربر وقال عبد الله بن عبد الرحمن الأزدي في كلمته التي يذكر فيها افتراق الأزد‏:‏ ودون لقائها وادي عُمان ونجران ومهيع نجد هاد إلا من مبلغ عني رسولاً مغلغلة تحثّ إلى مراد وغسَّان الذين هم استتبُّوا قبائلهم بأطراف البلاد وحيّا منهم نزلوا عُماناً أراهم لم يهمُّوا بارتداد فسيروا نحو قومكم جميعاً ولا تنأوا سواهم في الأعادي فإنكم خيار الناس قدما وأجلدهم رجالاً بعد عادِ وأكثرهم شباباً في كهول كأسد تبالة الشُّهب الوراد أبعد الحيِّ عمران بن عمرو وبعد الأكرمين بني زيادٍ وبعد شنوءة الأبطال أضحت بيوتهم ترفَّع بالعمادٍ ولما خرج عمرو مزيقياء بن عامر السماء وهو مالك بن اليمان من مأرب في جماعة الأزد وظهرا إلى مخلاف خولان وأرض عنس وحقل صنعاء فاقبلوا لا يمرون بماء إلا انزفوه ولا بكلأ إلا سحقوه لما فيهم من العدد والعدد والخيل والإبل والشاء والبقر وغيرها من أجناس السَّوام وفي ذلك تضرب لهم الرُّواد في البلاد تلتمس لهم الماء والمرعى وكان من روادهم رجل من بني عمرو بن الغوث خرج لهم رائداً إلى بلاد إخوتهم همدان فرأى بلاداً لا تقوم مراعيها بأهلها وبهم فأقبل آئبا حتى وافاهم وقام فيهم منشداً لهذه الأبيات‏:‏ تركنا مأرباً وبه نشأنا وقد كنا بها في حسن حال نقيل سرُوُحنا في كل يوم على الأشجار والماء الزُّلال وكنا نحن نسكن جنَّتيها ملوكاً في الحدائق والظلال فوسوس ربُّنا عمروٌ مقالا لكاهنه المصرِّ على الضَّلال فأقبلنا نسوق الخور منها إلى أرض المجاعة والهزال ألا يا للرِّجال لقد دهُيتم بمعضلة ألا يا للرِّجال أبعد الجنتين لنا قرار بريدة أو أثافت أو أزال وإن الجوف واد ليس فيه سوى الرّبض المبرَّز والسِّيال وفي غرق فليس لكم قرارٌ ولا هي ملتجا أهل ومال وأرض البون قصدكم إليها لترعوها العظيم من المحال وفي الخشب الخلاء وليس فيه لكم يا قوم من قيلٍ وقال وهذا الطود طود الغور منكم ودون الطود أركان الجبال وخيلكم إذا أجشمتموها قرُّوَّ الشامخات من الجبال أخاف وجى يعقلها عليكم فتصبح لا تسير من الكلال وأنتم يا بني غوث بن نبتٍ ولاة الخيل والسُّمر العوالى إذا ما الحرب أبدت ناجذيها وشمرت الجحاجح للقتال وكان من روادهم رجل يقال له عائذ بن عبد الله من بني مالك بن نصر بن الأزد خرج لهم رائداً إلى بلد إخوتهم حمير فرأى بلاداً وعرة لا تحملهم مع أهلها فأقبل آيباً حتى وافاهم فقام فيهم منشداً وأنشأ يقول‏:‏ علام ارتحال الحيِّ من أرض مأرب ومأرب مأوى كلِّ راضٍ وعاتب أما هي فيها الجنّتان وفيهما لنا ولمن فيها فنون الأطايب ألم تكُ تغدو خورنا مرجحنَّة على الحرج الملتف بين المشارب أان قال قولاً كاهن لمليكنا فما هو فيما قال أول كاذب نُخلِّفهما والجنَّتين ونبتغي بجهران أو في يحصب مثل مأرب فهيهات بل هيهات والحق خير ما يقال وبعض القول كشف المعايب فلم أرَ فيما طفت من أرض حمير لمأربنا من مشبهٍ أو مقارب وهذي الجبال الشم للغور دونكم حجاب وما فيها لكم من مآرب وخيلكم خيل رعت في سهولة من الأرض لم تألف طلوع الشناخب أخاف عليهن الونى أن ينالها وأنتم ولاة المعلمات الكتائب وكم ثمَّ كم من معشرٍ بعد معشر أبحتم حماهم بالجياد السلاهب

ثم إنهم أقاموا بأزال وجانب بلد همدان في جوار ملك حمير في ذلك العصر حتى استحجرت خيلهم ونعمهم وماشيتهم وصلح لهم طلوع الجبال فطلعوها من ناحية سهام ورمع وهبطوت مها على ذوال وغلبوا غافقاً عليها وأقاموا بتهامة ما أقاموا حتى وقعت الفرقة بينهم وبين كافة عك فساروا إلى الحجاز فرقا فصار كل فخذ منهم إلى بلد فمنهم من نزل السَّروات ومنهم من تخلف بمكة وما حولها ومنهم من خرج إلى العراق ومنهم من سار إلى الشام ومنهم من رمى قصد عُمان واليمامة والبحرين ففي ذلك يقول جماعة البارقي‏:‏ حلّت الأزد بعد مأربها الغوَّ - ر فأرض الحجاز فالسَّروات ومضت منهم كتائب صدقٍ منجداتٍ تخوض عرض الفلاة فأتت ساحة اليمامة بالأظ - مان والخيل والقنا والرُّماة واتلأبت تؤم قافية البح - رين بالخور بين أيدي الرُّعاة فأقرَّت قرارها بعُمان فعُمان محلُّ تلك الحُماة وأتت منهم الخورنق أسدٌ فاحتووا مُلكها وملك الفرات وسمت منهم ملوكٌ إلى الشأ - م على التبينية المضمرات فاحتووها وشيّدوا الملك فيها فلهم ملك باحة الشأمات تلكم الأكرمون من ولد الأز - د لغسَّان سادة السادات والمقيمون بالحجازين منهم أرغموا عنهم أنوف العُداة ملكوا الطَّود من سروم إلى الطا - ئف بالبأس منهم والثّبات واحتوت منهم خزاعتها الكع - بة ذات الرُّسوم والآيات أخرجت جرهم بن يشجب منها عنوةً بالكتائب المعلمات فولاة الحجيج منها ومنها قدوة في منى وفي عرفات وإليها رفادة البيت والمر - باع يجبى لها من الغارات وأذلوا اليهود منها وأخلوا منهم الحرَّتين واللاَّبات أصبح الماء والفسيل لقومٍ تحت آطامها مع الثمرات ورعاةٍ لهم تسيم مروجاً وسقاةٍ قوارب وطهاة أسروها من اليهود لدى تش - تيتها في القرى وفي الفلوات أيهاذا‏.‏

الذي يسائل عنا كيف يخفى عليك نور الهداة نحن أهل الفخار من ولد لأز - د وأهل الضِّياء والظُّلمات هل ترى اليوم في بلادٍ سوانا من ملوكٍ وسادة وولاة فأما ساكن عمان من الأزد فيحمد وحدَّان ومالك والحارث وعتيك وجديد وأما من سكن الحيرة والعراق فدوس وأما من سكن الشام فآل الحارث‏:‏ محرق وآل جفنة ابني عمرو وأما من سكن المدينة فالأوس والخزرج وأما من سكن مكة ونواحيها فخزاعة وأما من سكن السَّروات فالحجر بن الهنو ولهب وناه وغامد ومن دوس وشكر وبارق السَّوداء وحاء وعليّ بن عثمان والنمر وحوالة وثمالة وسلامان والبقوم وشمران وعمرو ولحق كثير من ولد نصر بن الأزد بنواحي الشَّحر وريسوت وأطراف بلد فارس فالجويم فموضع آل الجلندى‏.‏

خبر تنازع مراد بن مذحج وقسيّ بن معاوية وهم ثقيف في أرض وجّ عند النبي صلى الله عليه وسلم وما قضى به فيها هذا ما أتى عن عامر بن شراحيل الشعبي في مطالبة وفد مراد لاستخراج وج عند النبي صلى الله عليه وسلم قال الشعبي قدم ظبيان بن كدادة المرادي على النبي عليه السلام وهو في مسجده بالمدينة فسلم ثم قال‏:‏ إن المليك الله والهادي إلى الخير آمنا به وشهدنا أن لا إله غيره ونحن من سرارة مذحج من يحابر بن مالك لنا مآثر ومآرب ومآكل ومشارب أبرقت لنا مخايل السماء وجادت علينا شأبيب الأنواء فتوقَّلت بنا القلاص من أسافل الجوف ورؤوس الهضب ورفعتها عزاز الربا وألحفتها دآديُّ الدجى وخفضتها بطنان الرِّقَّاق وقصوات الأعماق حتى حلت بأرضك وسمائك نوالي من والاك ونعادي من عاداك والله مولانا ومولاك إن وجِّا وشرفات الطائف كانت لبني مهلائيل بن قينان غرسوا أوديته وذللوا خشانه ورعوا قريانه فلما عصوا الرحمان هب عليهم الطوفان فلم يبق منهم على ظهر الأرض إلا من كان في سفينة نوح فلما أقلعت السماء وغاض الماء أهبط الله نوحاً ومن معه حزن الأرض وسهلها ووعرها وجبلها فكان أكثر بنيه ثباتاً وأسرعهم نباتاً من بعده عاد وثمود وكانا في البغي كفرسي رهان فأما عاد فأهلكهم الله عز وجل بالرّيح العقيم والعذاب الأليم وأما ثمود فرماها بالدُّمالق وأهلكها بالصواعق كانت بنو هانىء بن هذلول بن هوذلة بن ثمود يسكنونهاوهم الذين خطوا مشاربها وأتوا جداولها وأحيوا عراصها ورفعوا عراشها ثم إن حمير ملكوا معاقل الأرض وقرارها وكهول الناس وأغمارها حتى بلغوا أدناها وأقصاها وملكوا أخراها وأولاها فكان لهم البيضاء والسوداء وفارس الحمراء والخزنة الصفراء فبطروا النعم واستحقوا النقم فضرب الله تعالى بعضهم ببعض وأهلكهم في الدنيا بالغدر فكانوا كما قال شاعرنا‏:‏ الغدر أهلك عادا في منازلها والبغى أفنى قروناً دارها الجند من حمير حين كان البغي مجهرةً منهم على حادث الأيام فانجردوا ثم إن قبائل من الأزد نزلوها على عهد عمرو بن عامر ففتحوا فيها الشرائع وبنوا فيها المصانع فكان لهم ساكنها وعامرها وقاربها وسامرها حتى نفتها مذحج بسلاحها ونحتها برماحها فأجلوا عنها عناناً وتركوها عياناً وحاولوها زماناً ثم ترامت مذحج بأسنتها وتسربت باعنتها فغلب العزيز أذلها وأكل الكثير أقلها وكنا معاشر يحابر أوتاد مرساه ونظام أولاها وصفاة مجراها فأصابنا بها القحوط وأخرجنا منها القنوط بعدما غرسنا بها الأشجار وأكلتا بها الثمار وكان بنو عمرو ابن خالد بن جذيمة يخبطون عضيدها ويأكلون حصيدها ويرشحون خضيدها حتى ظعنا منها ثم إن قسيّ بن معاوية وإياد بن نزار نزلوا بها فلم يصلوا بها حبلاً‏!‏ ولم يجعلوا لها أكلاً ولم يرضوا آخراً ولا أولاً فلما أثرى ولدهم وكثر عددهم تناسوا بينهم حسن البلاء وقطعوا منهم عقد الولاء فطارت الحرب بينهم حتى أفنى بعضهم قال‏:‏ فوافق عند رسول الله الأخنس بن شريق وأسود بن مسعود الثقفييِّن فقال الأسود بن مسعود بن مغيث مجيباً له‏:‏ يا رسول الله إن بني هاني بن هذلول بن هوّذلة بن ثمود كانوا ساكني بطن وجّ بعد هلاك مهلائيل بن قينان فعطِّلت منازلها وتركت مساكنها خراباً وبناؤها فتحامتها العرب تحاميا وتجافت عنها تجافيا مخافة أن يصيبها ما أصاب عادا وثمود من معاريض البلاء ودواعي الشقاء فلما كثرت قحطان وضاقت بها فجاجها ساق بعضهم بعضاً فانتجعوا رضاً فأرضاً وأقامت بنو عمرو بن خالد بن جذيمة ثم إن قسي بن معاوية وإياد بن نزار ساروا إليهم فساقوهم السمام وأوردوهم الحمام فأخلوها وتوجهوا منها إلى اليمن والتمست إياد المناصفة من المغنم فأبت قسيّ عليهم وكانت قسيّ أكثر من إياد عدداً وأوضع منهم بلداً فتلاحقوا حتى وقدت الحرب في هضباتها وخاضوا في غمراتها وأخرجوهم من سرواتها وأناخوا على إياد بالكلكل وسقوهم بصبير النَّيطل حتى خلا لهم خبارها وحزونها وظهورها وبطونهاوقورها وعيونها ورحلت إياد إلى العراق وأقامت قسيّ ببطن وجّ ليس لهم شائبة يأكلون ملاحها ويرعون سراحها ويختبطون طلاحها ويأبرون نخلها ويملكون سهلها وجبلها‏.‏

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ إن نعيم الدنيا أقل وأصغر من خربصيصة ولو عدلت عند الله عزّ وجلّ جناح ذباب لم يكن لمسلم لحاح ولا لكافر بها براح ولو علم المخلوق مقدار يومه لضاقت عليه برحبها ولم ينفعه حبور ولا خفض ولكنه غم عليه الأجل ومد له في الأمل وإنما سميت الجاهلية لضعف أعمالها وجهالة أهلها فمن أدركه الإسلام وفي يده خراب أو عمران فهو له على وظف زكواته لكل مؤمن خلصّي أو معاهد ذميّ إن أهل الجاهلية عبدوا غير الله عز وجل ولهم أعمال ينتهون إلى مدتها ويصيرون إلى نهايتها مؤخر عنهم العقاب إلى يوم الحساب أمهلهم بقدرته وجلاله وعزته فغلب الأعز منها الأذل وأكل الكثير منها الأقل والله الأعلى الأجل فما كان في الجاهلية فهو موضوع من سفك دم وانتهاك محرم عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام فلم يردّها رسول الله صلى الله عليه وسلم على مراد وقضى بها لثقيف وقنع ظبيان بن كدادة وأنشأ يقول‏:‏ أشهد بالبيت العتيق وبالصّفا شهادة من إحسانه يتقبّل بأنك محمود علينا مبارك وفيّ أمين صادق القول مرسل أتيت بنور يستضاء بمثله ولا عيب في القول الّذي يتنخّل عليك قبول من إلا هي وخالقي وسيماء حقّ سعيها متقبّل حلفت يميناً بالمحجّب بيته يمين امرء بالقول لا يتنحّل بأنّك قسطاس البريّة كلّها وميزان عدل ما أقام المشلّل ذكر أجزاء جزيرة العرب العلية التي هي من اليمن والحجاز مع حدود اليمامة وعروضها قال أبو الحسن الخزاعي وكان يسكن بأرض نجد العليا وتوطن عروضها وخالط أهل السراة وسمع من الجميع صدراً من الأخبار القديمة قالوا‏:‏ أصاب الناس أزمة شديدة مكثوا سنةً جرداء وسموها سنة الجمود لجمود الرياح فيها وانقطاع الأمطار وذهاب الماشية وهزالها وثبات الغلاء وقلة الأطعمة وتصرم المياه في الأودية والآبار ويسمى مثل هذه السّنة الحطمة والأزمة واللّزبة والمجاعة والرّمد وكحل والقصر والشدّة والحاجز فأقبل الناس بالضّجّة والعواء والتّضرع إلى بيت الله الحرام من أرض نجد واكناف الحجاز وارض تهامة والسروات يدعون الله عز وجل بالفرج لهم ويستسقون وكان في الوفد المستسقين من أهل نجد شاعر يقال له الحزازة العامري أنشد شعراً يذكر آلاء الله عز وجل فيه ورحمته التي كانت تشملهم وتشمل أرضهم بلدا بلدا وواديا واديا وجبل جبلا فقال‏:‏ ربّ ندعوك فاستجب فيك الدّهر عن الخلق تكشف الغمّاء إنّ أيّوب حين ناداك لم يحجب لأيّوب ربّ عنك النّداء مسّه الضّرّ فاستجبت له الدّعوة لّما به أضرّ البلاء إنّ هذا الجمود للسّنة الشّهباء والمصمئلة الدّهياء ينعش الناس في السوارج والوحش وتحي الجديدة الغبراء فلكم ثمّ كم رأيت غيوثاً لك تقتادها الرياح الرخاء سقي الشّحر فالمزون فما حا - زت ذوّات القطيف فالأحساء فاليماوات فالكلاب فبحرين فحزوى تميم فالوعساء فالنمّاران فاللّوى من أثال فالعقيقان عليا فالجواء فكثاب الدبيل فالحمرة العليا فقهر الوحاف والقوفاء فعلى مأرب فنجران فالجو - ف فصنعاء صبّة عزلاء فقرى الحنو فالمناضج منها فسروم الكروم فالطرفاء رويت فهي للنزول من الغيث عليها دجنّة خضراء القيت للسحاب من أرض تثليث فأرض الهجيرة الأعياء فالشّعيبات من يبنبم أحيين فأجزاعهنّ فالميثاء أعشب الكور كور عامر تيم حيث هرجاب فالماذاء رويت قيعتا تبالة غيثاً فذوات الآصاد فالعبلاء فقر يحاؤها فرنيّة قد سا - ل فوادي كلاخها فالكراء فعكاظ فذو المجاز مع الحر - ة فالأبرقات فالجرداء فخريداؤها مع الحضن المعروض فالقرن تلك والبوباء وعلى ذات عرق فالسّي فالرّكبة منها الملثّة الوطفاء وريت حرتا سليم وسالت شعب المعدنين فالأحماء فضرياتها فيرقة ثهلا - ن إلى حصنها استمال الرّعاء سال في حاجز فأودية التّو ز سيول يضيق عنها الفضاء فسميرا لها عباب وعلّت مثلها الثعليبة الورقاء فالحماءان قرن نجد فرمّا - ن الهبير فالدهناء فربا يحمد فأجا وسلمى تغتبي في نصيبهنّ الظباء شاكلت فيدها زبالة خصباً وكذاك الشقوق فالقرعاء هذان البيتان الخيران مضمّنان وهما للحارث بن حلزة وهذه أسماء بلاد العرب والمناهل النجدية المعروفة المشهورة والمذكورة التي تحتلها العرب من أهل نجد وتقيم على مياهها ومراعيها بالظّعن والمواشي ذكرها الحزازة على الولاء فأحسن إحصاءها وأحكم نظامها قالوا‏:‏ فسمع الوفد المستسقون من أهل تهامة وسرواتها هذا الشعر وكان فيهم شاعر يقال له أبو الحياش الحجري من الحجر بن الهنو فسألوه أن يقول شعراً في مثل ما قال الحزازة فأنشأ أبو الحيّاش يقول‏:‏ ربّ ما خاب من دعك ولا يح - جب يا ذا الجلال عنك الدّعاء لم يخب للنّبيّ يعقوب ياذا العرش فيما دعا لديك الرّجاء رب أنت الذي رددت عليه بصراً كان قد محاه البكاء وابنه يوسف جمعت عليه بعد أن مسّ يرسف الضّراء وحشة منه في الغيابة للج - ب وفي السّحن حين طال الثواء رحمة منك هب لنا إننا نح - ن لك الله أعبد وإماء إن هاتا لأزمة عمّت النا - س ومستهم لها البأساء ولكم ثم كم سقيت لنا الأرض غيوثاُ أتت بها الأنواء سقيت حضر موت منها مع الأحقاف ريّاً وعلّت الأسعاء تلكم أحور وتلك الدّثينا - ت مع السرو جنّة خضراء ولذ بحان فالمعافر فالسا - حل من غورها ضباب عماء فقرى شرعب مع الجند العل - يا فما حازت الربادي وراء فالسّحولان فالمذيخرة الغيناء علّت فحيسها القوراء وأربّت تصوب فوق زبيد مثل ما صب في الحياض الدلاء ولجبلان سال في رمع الطّم - م وجادت على ذؤال السماء وعلى سردد مسفّ من الجو - د بسقياه أحيت الكدراء وللعسانها فأرض طمام فلعيان ديمة هطّلاء سقى الطود من حراز فمن هو - زن غيثاً لهيدتيه الطّخاء فقرى مور فالقريضة فالشّر - جة فالواديا فالسلعاء وادلهمّت على قرى حرض يو - مين بالسّحّ مزنة سوداء سقيت برهة قرى خلب منها فجازان تلك فالصّبياء فجبال السّراة فالفرع الوسطى حكين الجنان فالحيفاء فالشّداو أن من سقامة فالمرحلة المرجحنّة النّجلاء فقرى مغسل فأودية النهبيين فالوادي ذي النجّول العذاء فالذّرى من سراة غامد فالنّم - ر فأجبال دوسها طخياء فقرى الدّراتين أرض على ّ سهلها والجبال منها الماء فالشبابات فالمعادن فالطا - ئف فالويل أرضهن سماءُ فقنوها فارتضمت دوقة فالليث فعشم السرين فالسرائر هذه أسماء بلاد العرب والمناهل والأودية التهامية والسروية المعروفة المشهورة المذكورة التي تحتلها العرب أهل تهامة وسرواتها باديها وحاصرها أبو الحيّاش الحجري فأحسن إحصاءها وجوّد وصفها في الشعر قالوا وكان في المستسقين من أهل الحجاز شاعرّ يعرف بالعجلاني فقال له أصحابه الحجازيون‏:‏ قل لنا شعراً نعارض به هذين الشاعرين وأذكر لنا في قولك شبه فأنشأ يقول‏:‏ رب إياك نحن ندعو ونرجو ولنا أنت ذا الجلال الرجاء فاستجب ربنا فإنك لا يحجب للسائلين عنك الدعاء رب إن الحجاز مذ كانت الأرض بلاد تدوم فيها الغلاء غير أن الحجاز لم يك يخطي - ها بمنهلة الغيوث السّماء ينعش المرمل المعيل لدى الخصب وتحيى البهيمة العجماء رب إنّ الحجاز أجحفها الأز - ل فقد حل في ذويها الجلاء رب إن السماء تضحي وتمسي فوقها وتي وردة حملاء جمدت ريحها فلم ير فيها منذ حول سحابة هطلاء ولكم قد رأيت يطمو على السّه - ل مع الوعر في الحجاز الماء من غيوث توابع لغيوث دالجات درت بها الأنواء عل منها جبال مكة حتى هي مثل الرياض خضر رواء شاكل الزّيمة المغمس والنّخلة فالموقفان فالبطحاء فمداريجها يلملم فالعم - ق فتلك السواحل إليهماء فالفقّيان من خذارق فالفرش فهاتلك جدة القوراء فالكليات فالستارة فالجح - فة فالقدس كل فالأبواء فالضواحي من بطن ودان فالجا - ر فبدر يقين فالصفراء رويت بالسيول سقياً وعلت مع تلك المغيثة الرّوحاء سقيت ينبع فساحتها تل - ك فتلك الضياع فالشعثاء واتلأبت تصب من فوق رضوى فبواط دلوية وطفاء رويت من بعاعها العيص فالر - س سيولاً فالمروة البيضاء وأرّبت تصب في الحجر والو - دّ كما صب في الحياض الدلاء رويت خيبر بها فيديع ديمة كان نوءها الجوزاء أعشب القاع فالحدائق من يثر - ب للغيث فالضّواحي الظماء سقي اللاّبتان فالحرة الدّم - يا فوادي العقيق فالحماء فالخليعات فالسّيالة فالفر - ع فتلك السّوائر الطّخياء هذه أسماء الأشعث الجنبي يصف مفازة صيهد وكان مسلكها من وادي نجران‏:‏ هلاّ أرقت لبارق متهجّد برق تولع في حبّي منجد فلقد ذكرتك ثم راجعت الهوى يوم الشرى ودعوت ألاّ تبعدي وعشية قبل الطّريق يمانيا حلّ العرائس صادراً من مذود حزأت حوازي في حساتي أن أرى ما كنت أوعد من مفازة صيهد فإذا مفازة صيهد بتنوفة تيه تظل رياحها لا تهتدي وتظلّ كدر من قطاها ولًها وتروح من دون المياه وتغتدي بلد تخال بها الغراب إذا بدا ملكاً يسربل في الرّياط ويرتدي فسألت حين تغيبت أعلامنا من حضرموت أيّ نجم نفتدي قالوا المجرة أو سهيلا بادياً ثم اهتدوا بقفولهم بالفرقد تتجشع الأهوال نبغي عامراً متحزِّنين عليه إن لم يوجد وقال الحارث بن حلِّزة يذكر مواضع من محالهم ومحال حلالهم‏:‏ آذنتنا بينها أسماء ربَّ ثاو يملُّ منه الثَّواء بعد عهد لنا ببرقة شمَّا ء فأدنى ديارها الخلصاء أوقدتها بين العقيق فشخصي ن بعود كما يلوح الضَّياء فتنورت نارها من بعيد بخزازى هيهات منك الصلاء خزازى جبل في نجد وعقيق وشخصان مكانان‏.‏

وقد جمع الأعشى في بيتين من الشعر أمكنة من محالهم فقال‏:‏ حلَّ أهلى بطن الغميس فبادو لي وحلَّت علويَّة بالسِّهال ترتعى السَّفح فالكثيب فذاقا ر فروض القطافذات الرِّئال وقال علقمة بن زيد بن بشراخو بني صحار بن خولان بن عمرو بن الحاف بن قضاعة يطلب المدد على هوازن وبني سليم ووصف البلاد التي سلكها من بلده إلى صعدة ثم من صعدة إلى صنعاء في وسط بلد همدان‏:‏ سقى طللاً بالجلهتين رعود وغرُّ سوار سيلهنَّ مجود منازل من أم الحصين عهدتها تقادم منها العد وهو جديد وفدما أراها وهي جامعة الهوى ينوس بها عصر الصِّبا ويرود تقول التي من بيتها شخصت بنا كائب أمثال العطائف جود أراك طويت الكشح هجراً على التي كلفت بها والقلب منك عميد إليك ابن ذي التاجين سرنا ركائباً موقعة كأنهنَّ جنود إذا انبعثت غادرن للسبع سنة قرى وقراهنَّ البلاد وخيد إلى طلق لم يعقد اللؤم كفَّه وما زنده في المكرمات صلود نماه إلى العلياء نفس أبية وبأس غداة البأس منه وجود فلما بطنا السهل من تحت بهتر وأسفر من ضوء الصباح عمود سلكنا بهنَّ السهل سهل سحامة لها ذمل من تحتنا وسميد تداهى بنا مثل السعالي فجافج وذو خفقة فوق القتود يميدُ طوين جميل الخانقين بسحرة ومرت بماء الحبط وهي تهود وقد ودعت هضبي ثقيف مع العما بأوسط لبل والعباد هجود تعدَّت على ماء العميش وقد بدا من الظل ميَّاح الجناح ركود إلى ملك يعطي البرية ما له وقال لهم‏:‏ عودوا فسوف أعود فلم تعدى الركب سارت نواعج سواء عليها سبسب ونجود ترامت ببوبان بأول ليلها وماء أثاف والعريب رقود فصبَّحهن ذاقين وكبر وفدنا وقد قابلتنا أنجم وسعود تؤم فتى من خير من حملت به كرائم ذهل والمجيد مجيد خولان تقول‏:‏ أسم ذي يزن الأكبر ذهل وحمير تقول‏:‏ عامر‏.‏

تكامل فيه منصب لم يلت به وملك نماه طارف وتليد ومد إليه يوم غيمان إذ دعا من أبناء عمرو أشبل وأسود ومالت إلى ركني عجيب ركابنا يقلّبها خفض له وصعود يؤملن نصراً منك ياخير سيد وأنت وصول للقريب ودود وحام لسرح الجار عن بعد داره لخوفك عنها حيث كان حيود تحامين أحمى من عداة أقرَّها فوارس قيس والمفر يذود فلما أستوينا رأس طود منفنف عبطنا وبطن القاع منه بعيد إلى الغولة الفيحاء تهوي بفتية أصرَّبهم منا سرى وسهود وقد فارقت داري جماع وأهلها إليك وفيها ثروة وعديد فلما رأينا من أزال قصورها تبادر من مخبر وبريد ولم نر إلا مردف الأرض رحلة لأعظامها داراً ونحن حفود أبا المنذر الفياض يا خير حمير وخير بني ذهل إليك تريد تريد نوالا من سجال غزيرة فأنت لها في النائبات مفيد شوازب قد تطوى نقيلا وسبسباً وروحا بليل قرُّهنَّ شديد وقطعن تيه الأرض من دمنتي دفا إليك وقد تعطي المنى وتزيد صرفت إليك القوم تدمي كلومهم ليدمل قرح منهم ولهود ويرتاش قدح منهم ذو تمرط ويفتاق يوما منك وهو سديد ونصدر منك بالتي تترك العدى عباديد منهم خائف وشريد لعمرك ما أدلي بغير مودَّتي ومالي سوى ما قد علمت شهود وقال طرفة فجمع طرفا من بلد مذحج في بيت‏:‏ أتعرف رسم الدار قفرا منازله كجفن اليماني زخرف الوشي ماثله منى منون موضوع قريب من طخفة بالحمى في بلاد غني ومنى مكة غير منون وأخذ من منى الأديم وهو عطنة وفي الخبر أن آدم عليه السلام تمنى رؤية حوَّاء بمنى فسميت منى بذلك وأقبلت من جدة فتعارفا بعرفات والرجمة والرجمات والرجام أجبل تكون في القاع صغار كالهضبات اللطاف والغول والوغل والغولة واحد وهي ما انحنى من الأرض‏.‏

دمن تجرم بعد عهد انيسها حجج خلون حلالها وحرامها حفزت وزايلها السراب كأنها أجزاع بيشة أثلها ورضامها مرَّية حلت بفيد وجاورت أهل الحجازفأين منك مرامها بمشارق الجبلين أو بمحجر فتضمنتها فردة فرخامها مواضع بني أسد وغني‏.‏

فصوائق أن أيمت فمظنة منها وحاف القهر أو طلخامها بأحزة الثلبوت يربأ فوقها قفر المراقب خوفها آرامها علهت تبلَّد في نهاء صعائد سبعا تؤاما كاملا أيامها ويروي‏:‏ في شقائق عالج الشقيقة أرض تشق بين رملين ومنها‏:‏ غلب تشذَّر بالذُّحول كأنها جن البديِّ رواسيا أقدامها البَّدي موضع ينسب إليه كثرة الجن ولا يكاد يعرف كما يقال جنّ عبقر وجن ذي سمار وذو سمار موضع معروف ويقولون غول الرَّبضات موضع معروف بنجد وجن وبار وهي أرض كانت بها أمم من العرب العاربة ولم ألق من يعرفها وتشذر شبههابالناقة إذا تشذّرت وهو أن تزلئمَّ إذا همزت عاقداً لذنبها ناضخة ببولها‏.‏

وقال أبو داود فذكر عدة مواضع من محال إياد‏:‏ أوحشت من سروب قومي تعار فأروم فشابة فالستار بعدما كان سرب قومي حينا لهم النخل كلها والبحار فإلى الدور فالمرورات منهم فحفير فناعم فالديار فقد أمست ديارهم بطن فلج ومصيراً لصيفهم تعشار الدور جوب تنجاب في الرمل وبفلج يريد بها أحبل رمل وقال أيضاً‏:‏ أقفر الدير والأجارع من قو مي فغرق فرامح فخفيَّة فتلاع الملا إلى جرف سندا د فقوٌّ إلى نعاف طميَّه قال العجاج في الدور وهو يصف ثوراً‏:‏ من الدبيل باسطا للدُّور يركب كل عاقر جمهور شج السقاة على ناجودها شبما من ماء لينة لاطرقا ولا رنقاً مازلت أرمقهم حتى إذا هبطت أيدي الركاب بهم من راكس فلقاً دانية لشرورى أوقفا أدم يسعى الحداة إلى آثارهم حزقا ومنها أيضاً‏:‏ فسار منها على شيم يؤمُّ بها جنبي عماية فالركاء فالعمقا أدم هذا جبل بالحجاز وأدم جبل باليمن والدِّمّ والدوم باليمن وقال يذكر غيرها‏:‏ ضحوا قليلاً على كثبان أسنمة ومنهم بالقسوميات معترك ثم استمروا وقالوا إن مشربكم ماء بشرقيّ سلمى فيد أو ركك وقال الأعشي‏:‏ وطوفت للمال آفاقها عمان وحمص فأوري شلم أتيت النجاشي في داره وأرض النبيط وأرض العجم فنجران فالسَّرو من حمير فأيُّ مرام له لم أرم ومن بعد ذاك إلى حضرموت فأوفيت همِّي وحينا أهم وذا فائش قد زرته في ممنِّع من النيق فيه للوعول موارد ببعدان أو ريمان أو راس سلية شفاء لمن يشكو السمائم بارد وبالقصر من أرياب لو بتَّ ليلو لجاءك مثلوج من الماء جامد ونادمت فهداً بالمعافر حقبة وفهد سماح لم تشبه المواعد وقيساّ بأعلى حضرموت انتجعته فنعم أبو الأضياف والليل راكد وقال طرفة ويقال للخرنق‏:‏ عفا من آل ليلى السه ب فالأملاح فالغمر فعرق فالرماح فالّ لوى من أهله قفر وأبليُّ إلى الغرَّا ء فالماوان فالحجر فأمواه الدنا فالنج د فالصحراء فالنسر فلاة ترتعيها العي ن فالظَّلمان فالعفر وقال أبو داود يصف غيثاً‏:‏ وغيث توسّن منه الريا ح جونا عشارا وعونا ثقالا فحل بذي سلع بركه تخال البوارق فيه الذبالا فروى الضرافة من لعلع يسح سجالا ويفري سجالا تخال مكاكيَّة بالضحى حلال الدقاري شربا ثمالا وقال امرؤ القيس وذكر عشرة مواضع من أرض البحرين‏:‏ غشيت ديار الحي بالبكرات فعارمة فبرقة العيرات فغول فحليت فنفء فمنعج إلى عاقل فالجب ذي الأمرات وقال وذكر عشرة مواضع من أرض البحرين‏:‏ لمن الديار عرفتها بسحام فعمامتين فهضب ذي إقدام فصفا الأطيط فصاحتين فعاسم تمشي النعام بها مع الآرام أفما ترى أظعانهن بعاقل كالنخل من شوكان حين صرام وقال أيضاً‏:‏ عفا شطب من أهله فغرور فموبولة إنَّ الديار تدور فجزع محيّاة كأن لم تقم به سلامة حولا كاملا وقذور تقضين من أعراف لبن وغمرة فلما تعرفن اليمامة عن عفر تزاورن عن قران عمداً ومن به من الناس وازورت سراهم عن حجر وأصبحن بالحومان يجعلن وجهة لأعناقهنّ الجدي أو مطلع الفجر فصمَّمن في دوية الدو بعدما لقين التي بعد اللتيا من الضمر وأصبحن يعدلن الكواضم يمنة وقد قلقت أجوازهن من الصَّفر أقول وشعر والعرائس بيننا وسمر الذرى من هضب ناصفة الحمر إذا ذكر الأقوام فاذكر بمدحة بلالا أخاك الأشعري أبا عمرو ولكثيِّر‏:‏ قنابل خيل ما تزال مظلمة عليهم عملوا كل يوم قتالها دوافع بالروحاء طوراً وتارة مخارم رضوى خبتها فرمالها يقبلن بالبزواء والجيش واقف مزاد الروايا يصطببن فضالها وقد قابلت منها ثرى مستجيزة مباضع من وجه الثرى فثغالها كأن لم تكن سعدى بأعناء غيقة ولم تر من سعدى بهن منازل ولم تتربع بالسرير ولم يكن له الصَّيف خيمات العذيب الظلائل إليك ابن ليلى تمتطي العيس صحبتي ترامي بنا من مبركين المناقل تخلل أحوار الخبيب كأنها قطاً قازب أعداد حلوان ناهل وأنت أبو شبلين شاك سلاحه خفية منه مألف فالغياطل له بجنوب القادسية فالشرى مواطن لا يمشي بهن الأراجل وقال وذكر كثيراً ما بين مكة ويثرب من المواضع‏:‏ ياخليلي الغداة إن دموعي سبقت لمح طرفها بانهمال قم تأمل وأنت أبصر مني هل ترى بالغميم من أجمال قاضيات لبانة من مناخ وطواف وموقف بالجبال تقول العرب وقفنا بالجبال فنعرف أنهم أرادوا عرفة‏:‏ حزيت لي بحزم فيدة تخدي كاليهودي من نطاة الرقال قلن عسفان ثم رحن سراعا طالعات عشيَّة من غزال حين ورَّكن دوَّة بيمين وسرير البضيع ذات الشمال جزن وادي المياه محتضرات مدرج العرج سالكات الخلال والعبيلاء منهم بيسار وتركن العقيق ذات النصال طالعات الغميس من عن عبود ساكات الخويّ من أملال وقال أيضاً‏:‏ وما ذكره تربي خصيلة بعدما ظعن بأجوز المراض فتغلم فأصبحن باللَّعباء يرمين بالحصى مدى كلِّ وحشيّ لهنَّ ومستمي موازية هضب المضيَّح واتَّقت جبال الحمى والأخشبين بأخرم إليك تبارى بعد ما قلت قد بدت جبال الشَّبا أو نكَّبت هضب تريم بنا العيس تجتاب الفلاة كأنها قطا الكدر أمسى قارباً جفر ضمضم تشكَّى بأعلى ذي جراول موهناً مناسم منها تخضب المرو بالدَّم تبوق العتاق الحميرية صحبتي بأعيس نهَّاض على الأين مرجم سقى أمَّ كلَّثوم على نأي دارها ونسوتها جون الحناتم باكر أحمُّ رجوف مستهل ربابه له فرق مسحنفرات صوادر تصعَّد في الأحناء ذو عجرفيَّة أحم حبركي مرجف متماطر وأعرض من ذهبان مغرورق الذرى تربَّع منه بالِّنطاف الحواجر وذهبان برحبة صنعاء‏.‏

أقام على جمدان يوماً وليلة فجمدان منه ماثل متقاصر وعرَّس بالسكران يومين وارتكى وجرَّ كما جرَّ المكيث المسافر بذي هيدب جون تنجزه الصبا وتدفعه دفع الطلا وهو حاسر وسيًِل أكناف المرابد غدوة وسيَّل منه ضاحك والعواقر ومنه بصحر المحو زرق غمامه له سبل وأقور منه الغفائر وطبق من نحو النجيل كأنه بيليل لما خلف النخل ذامر ومر فأروى ينبعا فجنوبه وقد جيد منه جيدة فعباثر باسحم زحَّاف كأن ارتجازه توعد أجمال لهن قراقر فأمسى يسح الماء فوق وعيرة له باللوى والواديين حوائر فأقلع عن عش وأصبح مزنة أفاق وآفاق السماء حواسر فكل مسيل من تهامة طيب تسيل به مسلنطحات دعاثر تقلع عمريّ العضاة كأنها بأجوازه أسد لهنَّ تزاؤر يغادر صرعى من أراك وتنضب وزرقا بأثباج البحار يغادر وكل مسيل غارت الشّمس فوقه سقيُّ الثريا بينه متجاور وما أم خشف بالعلاية شادن أطاع له بان من المرد ناضر ترعَّى به البردين ثم مقيلها ذرى سلم تأوي إليها الجاذر بأحسن من أم الحريرث سنَّة عشية دمعي مسبل متبادر وقال أيضاً‏:‏ كأن حدائج أظعانها بغيقة لما هبطن البراثا وجاءت سجيفة من أرضها روابي ينبتن حفرى دماثا جواثا من البحرين ودءاثا بتهامة وقال عبيد‏:‏ أقفر من أهله ملحوب فالقطّبيَّات فالذُّنوب فراكس فثعبيات فذات فرقين فالقليب فعردة فقفا حبر فليس من أهله عريب وقال امرؤ القيس‏:‏ أصاح ترى برقا أريك وميضه كلمع اليدين في حبيِّ مكلِّل يضيء سناه أو مصابيح راهب أمال السليط بالذُّبال المفتّل قعدت له وصحبتي بين ضارج وبين العذيب بعد ما متأمَّل علا قطنا بالشيم أيمن صوبه وأيسره على الستار فيذبل فأضحى يسحّ الماء فوق كتيفة يكب على الأذقان دوح الكنهبل ومر على القنان من نفيانه فأنزل منه العصم من كل منزل وتيماء لم يترك بها جذع نخلة ولا أجماً إلا مشيداً يجندل والقى بصحراء الغبيط بعاعه نزول اليماني ذي العياب المحمل وقال في مثله‏:‏ قعدت له وصحبتي بين ضارج وبين تلاع يثلث فالعريض أصاب قطيَّات فسال اللولى له فوادي البديّ فانتهى ليريض وقال الأعشى يصف عارضاً‏:‏ فقلت للشَّرب في درنا وقد ثملوا شيموا وكيف يشيم الشارب الثمل برقا يضيء على الأجزاع مسقطه وبالحبيَّة منه عارض يئل قالوا نمار فنجد الخال جادهما فالعسجدية فالأبواء فالرِّجل فالسفح يجري فخنزير فبرقته حتى تدافع منه الربو والحبل ثمّت تحمل منه الماء تكلفه ورض القطا فكثيب الغينة السَّهل وقال الشماخ يصف موارد الحمير‏:‏ وظلت بأعراف كان عيونها إلى الشمس - هل تدنو - ركي نواكز ويممها في بطن غاب وحائر ومن دونها من رحرحان المفاوز فمر بها فوق الحبيل فجاوزت عشاء وما كادت بشرف تجاوز وهمت بورد القتَّتين فصدَّها مضيق الكراع والقنان المواهز وصدت صدوداً عن وديعة عثلب ولا بني عياذ في الصدور حزائر وحلأها عن ذي الأراكة عامر أخو الخضر يرمي حيث ترمى النواحز وقال شبيب بن البرصاء‏:‏ لمن الديار غشيتها بسنام فالأبرقين فصوَّة الأرجام فالسيكران إلى دجوج كأنها ورق المصاحف خط بالأقلام كلبيّة قذف المحل ديارها حرمات جوش وساحة الإسلام وقال المتلمِّس‏:‏ ألك السدير وبارق ومبايض ولك الخورنق والقصر من سنداد ذو الكعبات والنخل المنبَّق والغمروالإحساء واللذات من صاع وديسق والقادسية كلها والجوف من عان وطلق تواضع بالسحاسح من منيم وجاد العين وافترش الغمارا وبات يحط من جبلى نوار غوارب سيله قلعا كبارا يسح ويغرق النّجوات منه ويبعث عن مرابضها الصوارا يصطاد الئال إذا علاها وإن أمعنّ من فزع فرارا وحبل من حبالة مستجد أبنت لأهله إلا إدِّكارا يطالعني بدومة يا لقومي إذا ماقلت قد نهض استحارا وقال زهير‏:‏ لمن طلل كالوحي عاف منازله عفا الرس منه فالرسيس فعاقله فرقد فصارت فأكناف منعج فشرقي سلمى حوضه فأجاوله فوادي البديّ فالطّوي فثادق فوادي القنان جزعه فأفاكله وقال زهير أيضاً‏:‏ ضحوا قليلا على كثبان أسنمة ومنهم بالقسوميّات معترك ثم استمروا وقالوا إن مشربكم ماء بشرقيِّ سلمى فيد أوركك نزلوا بأنقرة يسيل عليهم ماء الفرات يسيل من أطواد أرض تخيّرها لطيب مقيلها كعب بن مامة وابن أمِّ دؤاد وقال المثقب‏:‏ لم ظعن تطالع من صبيب فما وردت من الوادي لحين مررن على شراف فذات رجل ونكَّبن الذرانح باليمين وهن كذاك يوم قطعن فلجا كان حمولهن على سفين وقال ابن مقروم‏:‏ تجانف عن شرائع بطن عمرو وجدَّبه عن السِّيف الكراع فأقرب مورد من حيث راحا أثال أو غمازة أو نطاع وقال عبد بني الحسحاس يصف غيثاً‏:‏ يضيء سناه الهضب هضب متالع وحبَّ بذاك البرق لو كان عاليا نعمت به بالا وأيقنت أنّه يحط الوعول والصَّخور الرواسيا وما حركته الريح حتى حسبته بحرة ليلى أو بنخلة ثاويا ومر على الأجبال أجبال طيِّئ كما سقت منكوب الدَّوابر حافيا أجش هزيم سيله مع ودقه ترى خشب الغلاَّن فيه طوافيا له فرق منه يحلِّقن حوله يفقِّئن بالميث الدَّماث السَّوابيا فلما تدلى للجبال وأهلها وأهل الفرات جاوز البحر ماضيا بكى شجوه فاغتاظ حتى ظننته من الهزم لمّا جلجل الرّعد حاديا فأصبحت الثيران غرقى فأصبحت نساء تميم يلتقطن الصَّياصيا وقال أبوذؤيب يصف غيثا‏:‏ سقى أمَّ عمرو كلَّ آخر ليلة حناتم سود ماؤهنَّ ثجيج شربن ببحر الرُّوم ثم تنصّبت ذرى فردات رعدهيّ نتيج إذا حن يوما واستوى فوق بلدة تولى واثباج الحقول تموج يضيء سناه ريقاً متكشفا أغر كمصباح اليهود خلوج كما نور المصباح للعجم أمرهم بعيد رقاد النائمين عريج علاجيمة غرقى رواء كأنها قيان شروب رجعهن نشيج كأن ثقال المزن بين تضارع وشابة برك من جذام لبيج لكل مسيل من تهامة بعدما تقطع أقران السحاب عجيج وقال ساعدة بن جؤية يصف مطرا‏:‏ فسقاك ذو حمل كأن وميضه غاب تشيمه حريق مثقب ساج تجرم في البضيع ثمانيا يلوي يعيقات البحار ويجنب حتى ترى عمقا ورجَّع فوقه رعد كما هدر الفنيق المصعب لمارأى نعمان حل بكرفيء فئة كما لبخ النزول الأركب فالسِّدر مختلج فأنزل طافياً ما بين عين إلى نباتا الأثأب والدوم من سعيا وحلية منزل والدوم جاء به الشجون فعليب م انتمى بصرى وأصبح جالساً منه لنجد طابق متغرِّب وقال ابن الرقاع يصف غيثا‏:‏ وصاحب غير نكس قد نشأت به من نومه وهو فيه ممهد أنق ثم اكفهر شريقي اللوى وأوى إلى تواليه من سفاره رفق تربص الليل حتى قل سائمه على الرُّويشدأو خرجائه يدق حتى إذاالمنظر الغربي جاردها من حمرة الشمس لما اغتالها الأفق ألقى على ذات أجفار كلاكله وشبّ نيرانه وانجاب يأتلق وقال أيضاً‏:‏ ياشوق مابك يوم بان حدوجها من ذي المويقع غدوة فرآها وكأن نخلا من مطيطة ثاويا بالكمع بين قرارها وحجاها فوق الجمال إذا دنين لسابق أنزلن آخر ريِّحا فحداها وجعلن محمل ذي السلاح مجنة نهي اليتيمة وافترشن لواها وصرفن من وادي أتيدة بعد ما بدت الخميلة فاحزأل صواها قرية حبل المقيظ وأهلها بحسى مآب ترى قصور قراها واحتل أهلك ذا القتود وعروا فالصّحصحان فأين منك نواها وقال ابن مقبل يصف غيثاً‏:‏ تأمل خليلي هل ترى ضوء بارق يمان مرته ريح نجد ففتراً مرته الصَّبا بالغور غور تهامة فلما ونت عنه بشعفين أمطرا يمانية تمري الرباب كأنه رئال نعام بيضه قد تكسرَّا وطبّق لبوان القبائل بعدما كسى الوزن من صفوان صفواً وأكدرا فأمسى يحطّ المعصمات حبيُّه وأصبح زيَّاف الغمامة أقمرا كأن به بين الطراة ورهوة وناصفة السوبان غابا مسعّرا فغادر ملحوبا تمشَّىضبابه عباهيل لم يترك لها السيل محجرا أقام بشطآن الركاء وراكس إذا غرق ابن الماء في الوبل بربرا أناخ برمل الكومخين إناخة ال يماني قلاصاً حطّ عنهن أكورا في هذه مما ذكرته العرب من أوطانها كفاية فمن أحب أن يستقصي فيه فليتبع صفات العرب لمواقع الغيث وموارد حمير الوحش فهذان الفنان يجمعان أكثر مياه العرب وأوطانها ولا نعلم أحداً وصف من جزيرة العرب مسافة أربعة وعشرين يوماً بشعر طبعي ونشر بصفة الإبل والفلوات سوى أحمد بن عيسى الرّداعي رحمه الله من خولان العالية وكان يسكن برادع من أرض اليمن ومنها وصف البلاد إلى مكة على محجة صنعاء في أرض نجد العليا وقد سمعت لرجل من البصريين شيئاً في صفة طريق البصرة غير مرتضى بل ضعيفا وكان أبو يوسف ابن أبي فضالة الأبناري جد أبي يوسف الذي كان في زمن محمد بن يعفر قال في محجة صنعاء شعراً أرجوزة ضعيفة فاهتجرت وأذيلت حتى درست وفقد من ينشدها غير الأبيات التي لا قوة بها ولا طبع وكان كثير من أهل صنعاء لا سيما الأبناء قد غيروا في قصيدة الرداعي أشياء نفاسة وحسدا فلم يكن بصنعاء له نسخة على الإستواء فلم أزل ألتمس صحتها حتى سمعتها من أحمد بن محمد بن عبيد من بني ليف من الفرس وكان لا يدخل في عصبية ولا يلت أحداً حقه وكان آل ليف فرقتين فرقة تسكن برواع وفرقة بصنعاء فقال لي‏:‏ روانيها أحمد بن عيسى برداع عشرة أبيات عشرة أبيات حتى حفظتها وأنا حدث فلن تزل عني وهي على ما سمعت بجميع لغاته إلا ما كان منها معيباً من جهة الاضطرار ولا فائدة فيه فقد ثقفته واصلحته وفسرت منها ما لم يسقط إلى العامة لغته وهذه الأرجوزة فردة في فنها إلا أن يقفوها قاف مجيد وشاعر مفلق وقد كان له سواها شعر لا بأس به‏:‏